في الأسبوع الفائت، في جناحٍ جميل تضيئه الشّمس في فيرمونت دبي، جلس موقع أزياء مود مع رئيسة علامة أكوا دي بارما غابرييلّا سكاربا لمناقشة تاريخ العلامة وجوهرها ومستقبلها. وفي إطارٍ منعش، تحيطه أناقة قارورات عطور أكوا دي بارما، أخذتنا السّيّدة سكاربا، الإيطاليّة التي تعتزّ بنفسها، في رحلة إلى قصّة العلامة. فوصفت لنا بكلّ شغف الإنطلاقة وكيفيّة تطوّر العلامة ووجهتها في المستقبل. وإليك ما أطلعتنا عليه.
تجمع علاقة وثيقة بين عطر أكوا دي بارما والثّقافة الإيطاليّة: ما القصّة وراء ذلك؟
تكمن أصول هذا العطر في مدينة بارما، وقد أبدعه رسّام شهير عرف بكونه رجلاً أرستقراطيّاً وأنيقاً. تحدّرت عائلته من أصولٍ أرستقراطيّة جداً إذ شكّل الفنّ والثّقافة والأناقة أساس حياتهم. في العام 1916، أراد هذا الرجل إبداع كولونيا جديدة كبديل عن الرّوائح الأصليّة القويّة جدّاً. برأيه، على الرّجل الأنيق أن يستخدم عطراً خفيفاً ذات رائحة منعشة لإبراز اناقته. فقرّر إبداع عطر Acqua Di Parma في مختبره الخاصّ.
اهّتمت العائلة بصناعة هذا العطر مع مرور السّنين ووزّعوه على الخيّاطين فقط. فأصبح من أفضل أكسسوارات البدلات الرجاليّة الأنيقة. لهذا تشكّل هذه العلامة جزءًا من إسلوب حياة، إذ لم يكن الهدف من ابداعه إستعماله كعطر بل كأكسسوار بخيارٍ شخصيّ. ارتبط إسم هذه العلامة بسمات الرّجولة طوال سنوات إذ إقتصر إستعماله على الخيّاطين الرّجال.
وفي التّسعينيّات، إشترى لوكا دي مونتيزيمولو ودييغو ديلّا فالي هذه العلامة وأصبحوا يعرضونها في متاجرهم الخاصّة ومتاجر البيع بالتّجزئة. وأبدع هذان الرّجلان الأرستقراطيّان والأنيقان علامةً أخرى وهي تودز المختصّة بأسلوب الحياة. وتلبيةً لحاجة النّساء إلى عطرٍ مماثل من ناحية الملمس النّاعم والرّائحة الطيّبة، أصبح لهذا العطر نسختين: النّسخة الرجاليّة والنسخة النسائيّة.
يعتبر عطر أكوا دي بارما بمثابة نسخة مصغّرة عن صناعة الحرف اليدويّة في إيطاليا وقد أصبحت هذه الرّائحة متوفّرة الآن في كلّ أنحاء العالم. هل لا زلت تعتبرينه علامة إيطاليّة محضة؟
كلّا، لقد أصبحت هذه الرّائحة عالميّة ولكن ذات أصول وصناعة إيطاليّة مئة في المئة. يعرف الأسلوب الإيطالي بكونه الأفضل عالمياً من حيث الصّناعة و مستوى النوعيّة. فمثلاً، قرّرنا قبل سنتين الكشف عن مكوّنات المجموعة وبدأنا بإستعمال العود. بناءً على طلب زبائننا في الشّرق الأوسط الذين أحبّوا أكوا دي بارما ولكن رغبوا بنسخة ذات رائحة أقوى. ومن هنا، أدخلنا رائحة العود في تركيبة العطر ما جعل الرائحة قويّة جداً فعدّلناها بطريقتنا الخاصة. تفاجأ الجميع بصدور كولونيا العود. فقد لاقت نجاحًا كبيرًا في كافّة أنحاء العالم. وقد أحبّ الجميع هذا التحوّل في الكولونيا من خلال إضافة هذا العنصر. أحبّ زبائننا في الشّرق الأوسط من كبيرهم إلى صغيرهم تحوّل العود إلى عطر سهل الإستعمال. ونال هذا العطر رواجًا كبيرًا وبخاصّة في جيل الشّباب الذي يكره الرّوائح القويّة جداً فأحبّوا خفّته. وبدأ بإستعماله الصينيّون والأمريكيّون والإنكليز والإيطاليّون وغيرهم الكثير. هكذا بدأت مجموعة المكوّنات التّي أُدخلت عليها رائحة الجلد. فإنّ الجلد ذو أصول إيطاليّة لكن الجميع يحبّه.
ابدعنا مؤخّراً مجموعة بإسم Ambra. إنّ عنصرAmbra ذو أصول قطبيّة شماليّة وأتى به ماركو بولو إلى إيطاليا في العشرينيّات. تجمع علاقة وثيقة بين مدينة البندقيّة وقارّة آسيا. فيتردّد الكثير من الأسيوييّن إلى البندقيّة، ونعلم ذلك بفضل تأتّي نسبة 60 بالمئة من أرباح متاجرنا الفاخرة في البندقيّة عن زيارة زبائننا الآسيويّين. وجذبت Ambra أيضاً العديد من سكّان الشّرق الأوسط. ولذلك، يشكّل العالم عنصر مهمّ جدًّا بالنّسبة لنموّنا ونجاحنا، لكن هويّتنا وأصولنا تلازم دائمًا هذا العطر.
لاحظت تكرارك لكلمة أناقة في خلال وصفك للعطر، هل تبحثين عن صفات مميزة أخرى في ابداعك للرّائحة؟
طبعاً، تتميّز كل علامة بخصائص معيّنة. فتأتي أصولها من الفن والثقافة وأناقة الصناعات الحرفية والفخامة وغيرها. وعلى سبيل المثال، عندما قررت إطلاق Nobile ، وجدت مصدر وحيي من المنازل الارستقراطية النموذجية مع حدائقها الجميلة، إذ إن الحدائق شكلًا آخر من الفنّ الإيطالي. تتمتّع مجموعة Nobile بسمة الارستقراطية لأنها مستوحاة من طبقة النبلاء ومن الأزهار الموجودة في هذا النّوع من الحدائق. سمّي العطر الأول من هذه المجموعة Iris التي هي أكثر الأزهار نبلاً. انها أيضاً رمز مدينة فلورنسا المشهور عالميًّا. والزّهرة الأخرى هي المغنولية. وتشكّل هذه الأخيرة نبتة كبيرة أنيقة للغاية وراقية جدًّا ويتمّ استخدامها بكثافة في الأعراس. والياسمين على سبيل المثال، هو نوعٌ عالميّ آخر من الزّهور وفي إيطاليا، تجدين الكثير من المنازل المكسوّة بها. إنّها تٌعتبر زهرة أرستقراطيّة ويدرك كلّ الإيطاليّين رائحتها على الفور.
ولقد أطلقنا لتوّنا عطر Rosa Nobile. من الواضح أنّ الكثير من عطورنا تستخدم الزّهور لكنّ هذه الأخيرة دائمًا ما تكون مميّزة للغاية. تنمو هذه الوردة البيولوجيّة للغاية في شمال غرب إيطاليا، إنّها فريدة من نوعها ولا تستخدمها سوى علامة أكوا دي بارما. تختلف Rosa Nobile جدًّا عن أيّ رائحةٍ أخرى أيضًا لأنّنا عندما نختار نبتة أو زهرة، نختار العنصر المركّز الذي تضمّه. فيتطلّب الأمر من سنتيْن إلى ثلاثة لإبداع عطر ما ويعتمد ذلك أيضًا على طريقة الزّراعة التي نختارها. إنّه أمرٌ أصيل لكنّه يتطلّب الكثير من الوقت.
ما الأمر الذي يجعل عطر Colognia الرّجالي خالدًا إلى هذا الحدّ؟
نعم، إنّه خالد لأنّه يمثّل الأسلوب. فإنّه بحقّ نوع الرّجال الذي تعرفينه من خلال أسلوبه على بعد أمتار. وبإمكانك معرفة الإيطاليّين عن بعد لأنّهم أنيقون للغاية. سيبقى عطر Colognia خالدًا. وعلى الرّغم من أنّ قارورته قديمة، لكنّها تبقى قارورة عصريّة وستصبح مستقبليّة. يبلغ عمرها من 70 إلى 80 عامًا ولا تزال عصريّة. فالجميع يحبّها.
ما عطرك المفضّل؟
أستخدمها جميعها، Rosa و Jasmine، لكنّ المفضّلة لديّ هي Iris Nobile. إنّها الرّائحة الأولى التي أبدعتها لأنّها تمثّل فلورنسا وأسلوبي وطبعي ونفسي.
يشير العام التّالي إلى الذّكرى المئة لإطلاق العلامة، فهل تخطّطين لأمرٍ مميّز؟
في الواقع، سنُطلق عطر Parma ونضعه على الخارطة مجدّدًا، لأنّ في الوقت الحالي، يُعرف عطر Parma باسم parmigiano ونهدف هنا إلى إعادة Parma إلى Parma، ما يشكّل أساس العلامة. سنقوم بإطلاق هذا العطر مجدّدًا لأنّه شهير في مجال المسارح، فعلى سبيل المثال إنّه شهير في مجال الأوبيرا. سنطلق كلّ ما يتعلّق به وسنعمل على إطلاق كتاب جديد عن Parma ومشروع جديد لعطر Colognia.
هل من شهر معيّن؟
إنّه شهر مايو وسيكون موردينا وحرفيّينا حاضرون، بالإضافة إلى أزياء مود.
هل تخطّطين لافتتاح متاجر جديدة في كافّة أنحاء العالم؟ ماذا بشأن الشّرق الأوسط؟
نعم بالطّبع! تنمو العلامة بسرعةٍ أكبر لكن بطريقة إنتقائيّة للغاية. وسيتمّ افتتاح متاجر ترتكز على البيع بالتّجزئة. فنريد أن نفتتح المزيد من البوتيكات لأنّ هذا ما يمنح العلامة أسلوبها الرّفاهي. نرغب بمنح زبائننا المعاملة والتّجربة والخدمات لأنّ ما نقدّمه لهم هو مقاربة رفاهيّة.
فبخاصّةٍ هنا في الشّرق الأوسط، إنّنا نخطّط لافتتاح بعض المتاجر في هذا الاتّجاه. إنّنا نمتلك مكانًا جميلًا للغاية ومدير متجر رائع وستستمرّ العلامة بالنّموّ بشكلٍ أسرع لأنّ السّوق هنا هي إحدى الأسواق الأكثر نموًّا ونتوقّع لها أن تصبح أكثر قوّةً ممّا هي عليه في المستقبل.
ما القصّة التي تكمن وراء الخيل؟
إنّ ركوب الخيل هو رياضة أنيقة للغاية. فلطالما تمّ استخدام ركوب الخيل في مجال الأعمال على صعيد العطور والمستحضرات. ولقد اخترنا رياضة مميّزة، ألا وهي الفروسيّة. إنّ الفروسية رياضة فريدة للغاية وانتقائيّة جدًّا وراقية. إنّها مميّزة أيضًا بفضل طريقة التّرويض فيها، فإنّها بغاية الأناقة، بالإضافة إلى تميّز الخيل فيها لأنّها ترقص. ويجعلها ذلك فريدة من نوعها.
يمارس التّرويض عددٌ انتقائيّ من النّاس لأنّ هذا النّشاط مكلف للغاية وحصريّ جدًّا. وبهذه الطّريقة، نحرص على أن نبقى بغاية التّميّز من خلال مستحضراتنا ورسائلنا.
ألين أغوبيان


