جمال

حصرياً- مقابلة مع سونيا كونستان

بعد إنطلاقها في عالم العطور في العام 1999، بدأتْ سونيا كونستان مسيرتها مع شركة Givaudan الصّانعة للعطور، حيث عملتْ من العام 2004 إلى العام 2006 للإنضمام إلى فريق الإبداع في باريس. وكان لموقع أزياء مود فرصة التحدّث مع صانعة العطور الموهوبة والمبدعة لمعرفة المزيد عن حياتها المهنيّة ومصادر وحيها وخبرتها.

 

كيف بدأتِ مسيرتكِ المهنيّة كصانعة عطور؟

بدأتُ مسيرتي المهنيّة في العام 2004. ليس لي أقاربٌ يعملون في هذا المجال، لذلك بدأتُ من نقطة الصّفر وعملتُ جاهدة لأبرهن أنّني كفوءة في هذا المجال. وقبل أن أصبحت صانعة عطور، كنتُ أحلم بأن أصبح مصمّمة أزياء. وفي الوقت عينه، كنتُ منجذبة بشكلٍ خاصّ إلى العطور والأزهار. صناعة العطور هي المهنة المثاليّة التي تجمع كلّ ما أحبّ أيّ الإبداع والعطور وتصميم الأزياء.

اليوم، أكثر جزء أفضّله في هذا العمل هو العلاقة بين العطر والموضة. بالنّسبة لي، العطر بمثابة حجر كريم، إذ يجب أن يتماشى بشكلٍ مثاليّ مع الفستان. إنّه بمثابة تكملة لكلّ أسلوب...

ما الذي ألهمك في إبداع عطر Rose Musc من نارسيسو رودريغز؟

أردتُ إبداع عطراً مميّزاً جدّاً يحتوي على رائحة الورد. إنّ رائحة الورد من الرّوائح التي يتمّ إستخدامها كثيراً في عالم العطور في الغرب. أردتُ أن يكون هذا العطر نتيجة نظرة تمزج بين ثقافتي الشّرق والغرب.

لم أرد إبداع عطرٍ تكون رائحة الورد فيها بارزة وواضحة. فيتشبّه إبداع عطر Rose Musc بإبداع فستان من نارسيسو رودريغز: خطوط صافية وهندسة واضحة؛ شكلٌ تجريديّ، شبيه بشكل النّسخة النّسائيّة. أستخدمتُ زيت خلاصة الورد من الورد المغربيّ وأضفتُ إليها خلاصة الورد وماء الورد التي حصلتُ عليها باستخدام تقنيّة جديدة من Givaudan. وينتجُ ماء الورد عن التّقطير البُخاريّ لخلاصة الورود المتفتّحة وذلك بهدف الحصول على الزّيت. ثمّ يتمّ حفظ الخلاصة وإضافة الكحول إليها فنحصل على مستحلب يتمّ تصفيته وتمريره على 3 راتنجات تمتصّه ثمّ يتمّ إضافة الكحول إليه مجدّداً للحصول على خلاصة 'Rose Natsource'. وتُضفي خلاصة الورود الفريدة هذه لمسةً جذّابة جدّاً لم يسبق لها مثيل. ولطالما تمّ إستخدام ماء الورد في المستحضرات والحلويات، ولكن لا أحد إستخدمه في العطور من قبل. هذه هي المرّة الأولى التي يتمّ فيها تجسيد كلّ جوانب الورد في عطر.  

ولإظهار الأشكال الهندسيّة المتجلّية في تصاميم ملابس نارسيسيو رودريغز، إستعملتُ رائحة الأخشاب لدعم قوّة العطر، إلى جانب قوّة الفلفل الأسود والزّعفران الذّهبيّ. أمّا لمسة العطر النّهائيّة فهي غنيّة وغامضة تستخدم رائحة خلاصة Labdanum التي تعطي العطر لمسة شرقيّة غنيّة. وطبعاً، لا يجب أن ننسى رائحة المسك التي لطالما تميّزت بها علامة نارسيسو رودريغز.

هذه ليستْ المرّة الأولى التي تبدعين فيها عطراً لعلامة نارسيسو رودريغز. كيف تستطيعين إضفاء روح العلامة على طريقتكِ الخاصّة؟

يشكّل عطر for him Bleu Noir آخر عطرٍ أبدعته لنارسيسو رودريغز وهو عطرٌ رجاليّ. كانتْ الفكرة وراء هذا العطر تتجلّى في إبداع عطر رجاليّ متماشي مع العطر النّسائيّ ولكن ذي قصّة مختلفة. وفي إبداعي لعطر Rose Musc، أردتُ إبداع عطر يتميّزُ برائحة الورد المتماشية مع ذوق الشّرق الأوسط؛ إنّه عطرٌ قويٌّ جدّاً ورائحته تبقى ثابتة لفتراتْ طويلة على النّساء والرّجال. 

هل من رائحة محدّدة تميّزُ العطور التي تبدعينها؟

بصفتي صانعة عطور، أستوحي من خلفيّتي الشّخصيّة ومن البلدان التي زرتها وعلاقات التّعاون المختلفة التي أقمتُها. وكوني أعملُ مع علاماتٍ محليّة وعالميّة، أستطيعُ أن أبدعَ عطوراً عديدة مختلفة. وإستناداً على ذلك، لطالما تميّزتُ باستخدامي رائحة الورد في العطور التي أبدعها. وعندما كنتُ أتابع تعليمي في مدرسة العطور Givaudan، ألزمني إختباري الأخير، قبل حصولي على الدبلوما، بإبداعَ عطرٍ عصريّ يحتوي على رائحة الورد.

وفي ذلك الوقت، كانتْ رائحة العطر تعتبر قديمة الطّراز. وكان ذلك قبل أن قامتْ كلّ من علامتي ستيلا مكارتني وكلوي بإعادة إطلاقها وجعلها متماشية مع الموضة مجدّداً. ولا يزال هذا العمل الإبداعيّ يؤثّر علي حتّى يومنا هذا. أردتُ إبداع عطرٍ يتّسمُ برائحة الورد الغنيّة وتركيبة واضحة.

كيف تصفين عمليّة إبداع العطور ؟

أعلم أنّ بعض صانعي العطور لا يوافقونني الرّأي، ولكن بالنّسبة لي يشكّلُ إبداع العطور نوعاً من الفنّ. من خلال إبداعي للعطور، أريدُ إيقاظ المشاعر المُشابهة للمشاعر التي تعتريكم عند تأمّل لوحة أو منحوتة. يكمنُ هدفي في إبداع مشاعر قويّة، مشاعر تعلّق شديد. أريد أن أنقلكم إلى عالمٍ جديد وأن أجعلكم تحلمون لبضعِ دقائق...

أشبّه عملية إبداع العطور بالنّحت الحركيّ الذي تميّزَ به الفنّان كالدير. أشبّهُ الأشكال المختلفة بكواكب النّظام الشّمسيّ المتفاوتة. وإستناداً إلى تركيبة العطر ومصدر وحيها، تجتمعُ بعض الكواكب التي يمكن تشبيهها برائحة بسيطة سويّاً تماماً مثل نظريّة big bang فتنتج عن ذلك فكرةً جديدة.

إنّني أعتمد على حدسي وأشعر بالتّواضع في حضور الطّبيعة الأمّ. أؤمن فعلاً بأنّ الأفكار الرّائعة تأتي بالصّدفة أو بشكلٍ مُفاجىء أحياناً.

عندما تبدعين عطراً، من هي المرأة النّموذجية التي تراود ذهنك؟

يعتمدُ ذلك على تركيبة العطر. لقد عملتُ في مجال المسرح منذ عدّة سنوات وأحببتُ الطّريقة التي يقوم الممثّلين والممثّلات بأداء أدوار الرّجال والنّساء المختلفين. وفي إبداعي للعطور، أحبُّ تخيّل شخصيّات متعدّدة.

ففي إبداعي للعطور النّسائيّة، أضعُ القليل من شخصيّتي فيها. أصفُ نفسي بعدّة سمات تتّسمُ بها النّساء، ألا وهي: المرأة الرّومنسيّة والمرأة السّاحرة وإمرأة الأعمال.

لا أحبّ أبداً أن تُعطى للنّساء صفةً معيّنة. يمكن للمرأة أن تكونَ أُمّاً لطيفة جدّاً وزوجة ساحرة وإمرأة أعمال تكدُّ في العمل. يمكن لها أن تجسّد كلّ هذه الصّفات في الوقت عينه! إمرأة نارسيسو رودريغز النّموذجيّة هي إمرأة راقية؛ إمرأة بسيطة جدّاً وواثقة من نفسها.

لقد عملتِ مع عدّة علامات مثل نارسيسو رودريغز وتوم فورد ومونبلان وبربري وغيرها الكثير. هل من مشاريع مستقبليّة تفكّرين بها؟

أجل، إنّني أعمل مع علامات راقية عدّة في الوقت الحالي ولكن لا يمكنني قول المزيد. وهناك مشاريع مستقبليّة مع نارسيسو رودريغز فترقّبونا!

 

هل هذه زيارتكِ الأولى للشّرق الأوسط؟ ما الذي تجدينه مميّزًا للغاية في هذه المنطقة؟

لقد سافرتُ مرّات عدّة إلى الشّرق الأوسط، إذ يجب أن تختبري ثقافة المنطقة لكي تفهمي أهميّة العطر فيها. تختلفُ عمليّة إبداعي لعطرٍ مخصّص للشّرق الأوسط عن عمليّة إبداعي لعطر مخصّص للبلدان الغربيّة.

يختلفُ كلّ من عنصري التّوازن والقوّة في كلّ عطر. أقوم بتركيز المواد الخام 10 مرّات أكثر في العطور المخصّصة للشّرق الأوسط. لقد فهمتُ أهميّة هذا الشّيء خلال زيارتي الأولى لدبي وأدركتُ القوّة المذهلة للعطور المتوفّرة في الأسواق...

تتميّزُ هذه المنطقة بالطّابع التّقليديّ والطّابع العصريّ جدّاً في الوقت عينه. إنّها صلة وصلٍ بين الشّرق والغرب وينجلي ذلك بكلّ وضوح في الثّقافة والهندسة الرّاقية.

هل من موقع مفضّل تحبّين الإسترخاء فيه؟

أحبّ فندقاً موجوداً في مدينة كاو سوك في تايلندا. إنّه يقع في قلب أدغال Thanyamundra. أحبّ أيضاً قضاء عطلتي في منطقة كيرالا في الهند.

 

ميرلّا حدّاد