بقلم يلدا زكّا
لقد التقينا ببرنار فيل، مالك ثاني أقدم دار موضة فرنسيّة، فيل، في دبي لمناقشة كيفيّة استمرار عمل عائلته بالازدهار بعد أكثر من 100 عام وشغفه وما تعلّمه في مسيرته المهنيّة. ويتمتّع مدير الأعمال الفرنسي هذا، الذي يشقّ طريقه إلى الكويت في مرحلة قادمة، بعلاقةٍ قديمة مع الشّرق الأوسط ويُبدي إعجابه بالتّطوّر المهمّ الذي تشهده هذه المنطقة.
تقوم هذا العام بتجديد مكاتبك الشّهيرة "La Manufacture" في 8، شارع ليفينغستون في قلب مونتمارتر، التي تتمركز في مبنى أبدعه روبيرت فيل في العام 1924 وصمّمه المهندس الشّهير بول دوبر-لافون في العام 1950. ومن الرّائع كيف تستمرّ دار فيل في التّمتّع بكثير من التّقاليد نفسها التي جعلتها علامةً أسطوريّة اليوم مع نظرةٍ إلى المستقبل. ما هي بعض الطّرق الأخرى التي تمكّنكم من الحصول على طابعٍ عصريّ؟
علينا أن نتعلّم من الماضي وعلينا أيضًا أن نتطلّع إلى المستقبل وعدم المكوث في مكاننا. أعتقد أنّ هذه فلسفة في الحياة وفي العمل على حدٍّ سواء. ما جرى قد جرى ولا يمكننا العودة إلى الوراء بل علينا اعتبار الغد يومًا جديدًا. فعلى المنتجات التي نقدّمها أن تتغيّر وتتطوّر مع تطوّر العالم والطّلب.
إذا ما زالت أقدم دار موضة فرنسيّة في الوجود، ماذا تُجيز لطول عمر فيل؟
عليك أيضًا النّظر إلى النّاس والشّعور بالانفتاح حيال المستقبل. كوني منفتحة الذّهن وحاولي فهم ما يجري وما الإمكانيّات التي تتقدّم لك وتجربتها. عندما كنت طالبًا، أجريت دروسي في أمريكا وما أثّر فيّ إلى حدٍّ بعيد هو أنّ الأناس النّاجحين هم اللّذين جرّبوا أمورًا كثيرة. أمّا النّاس الأنجح هم اللّذين لم يواجهوا الفشل مرّاتٍ عديدة. فكلّ ما تقومين به ليس مثاليًّا لكن إذا لم تجرّبي أمورًا جديدة، لن تتقدّم لك فرصة التّقدّم.
كيف تَشكَّل رمز العلامة الذي هو عبارة عن عربةٍ تجرّها الخيول؟ وكيف لا يزال هذا الرّمز جزءًا من ميراثها؟
عندما عادت عائلتي بعد الحرب في الخمسينيّات، أدركوا أنّ العالم قد تغيّر. ذهب جدّي وأبي إلى أمريكا لاستكشاف طريقة الآخرين في تأسيس الأعمال. كانوا يستخدمون مصانع وعلامات تجاريّة وإعلانات – ولم يكن أحد هنا يقوم بتلك الأمور. وقرّر أبي سريعًا أنّنا بحاجةٍ إلى الإعلانات. فاخترنا اسمًا وصنّعنا رموزًا – وكان بأمرٍ غريبٍ في ذلك الوقت. وكنتيجة، اخترعوا العربة. وفي ذلك الوقت، لم يكن في العالم سوى شركتيْن تستخدمان رمزًا كناية عن عربة تجرّها الخيول – هيرميس ونحن. ويشمل رمز العلامة الخاصّ بنا سيّدة راقية أنيقة ومفعمة بالأنوثة – وهما صفتان تجسّدان إثنين من معاييرنا المهمّة التي نحافظ عليها حتّى الآن.
بالإضافة إلى خبرته الواسعة وملفّه المتنوّع والغنيّ، تتمتّع تصاميم المدير الفنّي لعلامة فيل إدوار أشور بروحٍ من العمليّة وبطابعٍ مفعم بالأنوثة. كيف توصّلت إلى اختيار أشور ليترأّس العلامة على الصّعيد الإبداعي؟
إنّ لأشور علامته الخاصّة التي نصنّع تصاميمها ونوزّعها. وهو في الواقع رجل موهوب ومتكرّس لعمله ويقضي الكثير من الوقت معنا. يتواجد في الدّار كلّ يوم ونعمل سويًّا. فإنّنا نتمتّع بوجهات النّظر نفسها لمستقبل الشّركة ونعمل في الاتّجاه نفسه. وإنّ هذا الأمر بغاية الأهمّيّة بالنّسبة لي.
من هي امرأة فيل؟
إنّها امرأة أنيقة ومفعمة بالأنوثة وتتمتّع بأسلوب متماشي مع الموضة. ولا أحبّ أن أحصر شخصيّتها بسماتٍ معيّنة. فبإمكاننا إيجاد نساء أنيقات ومفعمات بالأنوثة في كافّة أنحاء العالم – فرنسا ولبنان والكويت وغيرها من البلدان.
تقدّم علامة فيل نوعيّة من الملابس الجاهزة توازي نوعيّة تصاميم الكوتور، كيف تتمتّع بهذه الإمكانيّة؟
إنّه تقليد من تقاليد العلامة، أي إنّ هذه السّمة هي من جيناتنا. إنّها الطّريقة التي نرى فيها التّصاميم ونشدّد جدًّا على نوعيّتها. في بعض الأحيان في باريس، أرى معاطفنا التي تبلغ من العمر 30 عامًا ترتديها بعض النّساء. وأشعر بأنّه أمرٌ رائع! أعتقد إنّه مسألة احترام. وإنّنا نحترم الزّبون. فيصرف النّاس الأموال وعلينا أن نقدّم لهم في المقابل منتجات ذات جودةٍ عالية.
وثمّة طريقتيْن للقيام بالأشياء. فبإمكانك الذّهاب إلى متجر Zara الذي يبيع قطعًا متماشية مع الموضة بأسعارٍ مذهلة ونوعيّة جيّدة. غير أنّك إذا أردت بيع تصاميم بسعرٍ أثمن، أقلّ ما يمكنك القيام به هو احترام زبائنك ومنحهم منتجات تبلغ جودتها قيمة ما يدفعونه. وعلى النّساء الشّعور بالرّاحة في ملابسهم. وعلى نوعيّة القماش أن تكون جيّدة جدًّا وعمليّة التّصنيع مثاليّة. إنّه أقلّ ما يمكننا القيام به. وعندما ترتدين قطعة من الملابس أو زوج من الأحذية، تريدين أن يكون أمدهم طويل.
تشكّل فيل إحدى العلامات القليلة التي تقدّم تصاميم تتراوح قياساتها بين 36 و52، وإنّنا نحترمها لقدرتها على تمثيل كافّة النّساء. لماذا تعتقد أنّ علامات أخرى لا تتبع هذا الاتّجاه؟
لماذا نقدّم الموضة للنّساء اللّواتي تتراوح قياساتهمّ من 36 إلى 40 فحسب؟ فلا أرى سببًا لتمكين مرأة قياسها 36 من شراء قطع متماشية مع الموضة أكثر من امرأة يبلغ قياسها 48. إنّ المرأة تبقى مرأة مهما كان قياسها. فليس علينا أن نملي الموضة على النّساء، بل أن نجعلها لذّةً لهنّ.
من هنّ بعض النّساء البارزات التي تراهنّ يرتديْن تصاميم من فيل؟
في فرنسا، أرى الكثير من الصّحافيّات الشّهيرات والشّخصيّات السّياسيّة يرتديْن من تصاميم العلامة.
إنّ فيل هي إحدى الشّركات القليلة التي لا تزال مُمتلكة من قبل العائلة بشكلٍ كامل، فكيف تمكّنتم من المحافظة على هذه الميزة بينما لم يتمكّن الآخرون من القيام بذلك؟
إنّ العمل في شركةٍ عائليّة يتطلّب الكثير من الوقت والعمل الجاهد. أصل إلى العمل قبل معظم العاملين وأغادره بعدهم.
بصفتك الجيل الرّابع الذي يستولي على هذه الشّركة العائليّة، وُلدت ونشأت بطريقةٍ أو بأخرى لتأخذ هذا الدّور. إذا كان بإمكانك اتّباع مسيرة مهنيّة أخرى في هذا العالم، ماذا تختار؟
لم أولد وأنشأ لآخذ هذا الدّور لكنّ ثلاثة أمور جعلتني أرغب بذلك ولا زالت: أوّلًا، إنّه عمل عائليّ، ثمّ سباق الأحصنة، وأخيرًا الفنّ المعاصر. فعلى الأرجح، كنت سأصبح رجل أعمال في مجال الفنّ أو مدرّب.
نشأت في عائلة تهتمّ جدًّا بالفنّ. فلوالدي مجموعة كبيرة من الفنون المعاصرة وأكبر مجموعة من الفنّ الأفريقي في أوروبا بأكملها. وقد نشأت في محيطٍ من الفنون منذ سنٍ مبكرة وإنّ جمع الأعمال الفنّيّة هو شغفي.
لقد ساهمت في جعل فيل العلامة المشهورة عالميًّا التي هي اليوم. ما هي بعضًا من الدّروس المهمّة التي تعلّمتها في مسيرتك؟
تعلّمت أن أستفيد من دروس الماضي. فعلينا أن نتذكّر الماضي للمضيّ قدمًا. أحاول أن أتخلّى عمّا كنت عليه سابقًا. فعندما نتعلّم التّخلّي عن الماضي، نتعلّق بالحاضر ونتطلّع للمستقبل. فعلينا دائمًا المضيّ قدمًا.
ما الكتاب المفضّل لديك؟
إنّه كتاب Solal للكاتب الفرنسي ألبير كوهن. إنّه يروي فيه قصّة حبّ وهو ربّما أحد ألمع الأدباء الفرنسيّين.