يعلم هيدي سليمان شوارع المدينة، وكأنّه يتجوّل فيها ليلًا ويراقب فتياته. حافظ المصمّم على إخلاصه للرّوح في مجموعته لربيع 2016 لدى علامة سان لوران، التي تمّ عرضها في Le Carreau du Temple. وهذه المرّة، قدّم سليمان إطلالات كلاسيكيّة تليق بمهرجان Glastonbury بلمسةٍ من الجنون العالي المستوى، فاتحًا السّبيل أمام الفتيات المشاكسات والرّاقيات أكثر من المعتاد للذّهاب إلى هذا المهرجان بأسلوبٍ مميّز. يتواصل سليمان عن كثب مع الشّابات النّاميات – اللّواتي يتمتّعن بطبيعة متمرّدة – وهو يتماشى بامتياز مع حاجاتهنّ، ويبقى في الوقت عينه متقدّمًا بالنّسبة لهنّ من خلال منحهنّ ما لم يعتقدن يومًا أنّهنّ بحاجةٍ إليه.
سارت عارضات الأزياء على المدرج بفساتين حريريّة سوداء ذات شقّة عالية. فكانت النّتيجة أسلوب غير مقصود من الرّوك السّاحر. وذكّرتني المجموعة الكاملة بفرقة Hole، وهي فرقة الرّوك التّسعينيّة التي ألّفتها كورتني لوف، والتي تشكّل الفرقة الموسيقيّة المفضّلة لديّ شخصيًّا. ذكّرتنا بسخرية أن نكون فتيات مشاكسات، مفعمات بالأنوثة طبيعيًّا. وعلى الرّغم من أنّ فتيات سليمان أكثر حدّةً، إنّه التّلاعب على الرّوك والجنون بالارتكاز على الغرائز النّسائيّة ما يشكّل تناقضًا قيّمًا. وإنّ التّيجان التي نمّقت رؤوس عارضات الأزياء هي ما قدّم هذه المجموعة القويّة إلى الأمام وأشعرتنا بأنّها ذات صلة بما تمّ تقديمه في التّسعينيّات.
فساتين قصيرة وشفّافة منمّقة بالخرز تمّ ارتداؤها مع سترة جيشيّة وأحذية عالية المستوى مقاومة للمطر لتشكّل إطلالة مرحة ومفعمة بالشّباب. أوفرولات قصيرة من الجينز وسترات منتفخة ذهبيّة اللّون وفساتين قصيرة منمّقة بطبعة النّمر ومرفقة بسترة رسميّة واسعة والكثير من فساتين الدّانتيل الشّفّافة شكّلت عناصر قويّة للغاية بفضل روحها الخداعيّة.
وعلى الرّغم من أنّه لم يتمّ الكشف عن تصاميم جديدة نسبيًّا، إنّها الطّريقة التي يمزج فيها سليمان ما بين العناصر القديمة الطّراز والعناصر الكلاسيكيّة ويحوّلها إلى قطعٍ مرغوبة، هي ما يجعله يتميّز عن غيره. فليس على المرء أن يتّصل بالواقع ليعتبر نفسه قادرًا، وسليمان ليس بمخادع. يعرف جيّدًا أنّ الحركة لا تموت أبدًا وإنّها تتأقلم مع زمانها. ولمن يشاهد، إنّ براعة سليمان الحقيقيّة تكمن في هذه التّصاميم.
منى حاراتي