عندما نفكّر في الموضة الفاخرة، غالبًا ما تخطر على البال مدن مثل باريس أو ميلانو أو نيويورك. لكن، بعد قضاء بضعة أيّام بالتجوّل بين المتاجر المكسوّة بالرخام في دبي، أو التنقّل في أحياء الموضة العصريّة للغاية في الرياض، أو استكشاف البوتيكات الفنيّة الفاخرة في بيروت، أو التعرّف إلى مراكز الموضة التي تمزج بين الثقافة والحداثة في الدوحة، ستدركين أنّ مستقبل الموضة وجد موطئ قدمٍ راسخ له في الشرق الأوسط. ولا تستهلك هذه المدن الرفاهيّة فحسب، بل تعيد تعريف معناها. من متاجر فاخرة على مستوى عروض الأزياء، إلى تجارب أسلوب حياة غامرة، يلفت جيل جديد من مدن الشرق الأوسط الأنظار ويعيد رسم خارطة الموضة العالميّة.
إليك نظرة على المدن التي تعيد تعريف الترف وتجربة التسوّق والروعة الثقافيّة، وتُحدث نقلة نوعيّة في عالم أسلوب الحياة والموضة الراقية.
دبي، الإمارات - عاصمة الموضة المتوّجة
لطالما كان دبي مول ومول الإمارات بمثابة ملاعب للموضة الفاخرة، لكن المشهد بدأ يتحوّل أكثر نحو المتاجر المفاهيميّة والمصمّمين المحليّين والتجارب المؤقّتة، بينما تقدّم متاجر محليّة مثل THAT Concept Store و The Editمنصّة للمصمّمين الناشئين وتنظيمًا عالميًّا مُنسّقًا. وتوسّع علامات الأزياء الكبرى مثل شانيل CHANEL وديور ولويس فويتون وجودها هنا من خلال متاجر رئيسة وإطلاقات محليّة مُختارة بعناية. وتُعدّ دبي موطنًا لأسبوع الموضة العربيّ ومهرجان Sole DXB وأسبوع الموضة في دبي، الأمر الذي يجعلها مركز تقويم الموضة في المنطقة. ومع لقاءات السيّارات الفاخرة وحفلات اليخوت عند الغروب، فإنّ أسلوب الحياة في دبي برّاق بقدر ما هو أفقها العمرانيّ.

صورة من عرض المصمّمة الإماراتيّة هبة جاسم في أسبوع الموضة في دبي
الرياض، السعوديّة - الحدود الجديدة للفخامة
بمثابة مكان تلتقي فيه الموضة بالطموح، تشهد الرياض تحوّلًا سريعًا نحو الفخامة كجزء من مشروع رؤية السعوديّة 2030. فأصبحت مراكز التسوّق الراقية مثل Solitaire تضمّ علامات عالميّة مثل فالنتينو وهوبلو وبالنسياغا وبوتشيلاتي، مع افتتاح متاجر جديدة شهريًّا. ومع إقامة عروض الأزياء العامّة وظهور مصمّمين محليّين، تكتب الرياض رواية جديدة للأناقة. وقد أحدث أسبوع الموضة في الرياض تأثيرًا بارزًا، حيث أصبح بمثابة بيان جريء لهويّة الموضة السعوديّة المتطوّرة، مسلّطًا الضوء على المصمّمين المحليّين والعلامات العالميّة في مدينة تمشي فيها التقاليد والحداثة جنبًا إلى جنب على مدارج العرض.

صورة من عرض علامة Rebirth في خلال أسبوع الموضة في الرياض 2025
الدوحة، قطر - الفخامة الهادئة بتأثير عالميّ
بمثابة لاعب صاعد يدمج بين التقاليد والفخامة العصريّة، تستثمر قطر في تنظيم معارض موضة بمستوى المتاحف، مثل معارض فالنتينو في السنوات الأخيرة في مركز التصميم M7. وتتطوّر ساحتها الفاخرة بثقة هادئة، وتمزج بين الموضة والثقافة من خلال مبادرات مثل المعارض المختصّة بالموضة في متحف الفنّ الإسلاميّ ومتاحف قطر. أمّا مول Place Vendôme Mall فهو ينافس باريس في كثافة المتاجر الفاخرة، ويضمّ الآن متاجر رئيسة من فالنتينو وديور وغوتشي وكارتييه وبولغري. في الحقيقة، بعد استضافة كأس العالم لكرة القدم 2022، تظلّ الدوحة على خريطة الفخامة العالميّة كمركز مستدام للرفاهيّة.

صورة من أوّل متجر داخليّ لرامي العلي في Galeries Lafayette، الدوحة
بيروت، لبنان - فخامة الصمود
لطالما اشتهرت بيروت بتراثها في الموضة وذوقها الرفيع في التصميم، ولا تزال تؤكّد مكانتها على خريطة الفخامة الإقليميّة. فهي موطن لعدد من أشهر المصمّمين العرب في العالم مثل إيلي صعب وزهير مراد وريم عكرا وربيع كيروز، وتجمع بين اللمسة الأوروبيّة والأناقة المشرقيّة. ورغم التحدّيات الأخيرة، تظلّ بيروت متألّقة من خلال مشهدها المزدهر للمتاجر الصغيرة والحرفيّة الرفيعة وذوق جمهورها العالي. ويمثّل افتتاح بوتيك شوميه الجديدة مؤخّرًا في وسط بيروت إشارة قويّة إلى تجدّد الثقة في إمكانيّات المدينة الفاخرة، الأمر الذي يحثّنا على التساؤل: هل ستكون هذه خطوة نحو مستقبل أكثر إشراقًا؟ الوقت وحده سيكشف ذلك.

صورة من بوتيك شوميه، بيروت
لم يعد الشرق الأوسط سوقًا ثانويًا للرفاهيّة العالميّة، بل أصبح في صميم الحدث. سواء كانت البراعة المصقولة في دبي، أو الصعود الأنيق للرياض، أو الأناقة الدائمة في بيروت، أو القوّة الهادئة للدوحة – هذه المدن لا تستهلك الموضة فحسب، بل تُعيد تشكيل مستقبلها. ومع بحث العلامات الفاخرة عن النمو شرقًا، يُثبت الشرق الأوسط أنّ الأناقة لا تعرف حدودًا.
مقالة من كتابة غبريال القصيفي
- الكلمات المفتاحية
- الشرق الأوسط


